تُسهم الأزمات عادة في إعادة ترتيب المشهد، أيّاً كان نوعُ هذه الأزمة أو طبيعتها ومدى تأثيرها، فبفضلها، قد يصبح تفصيل صغير جدّاً لم يكن في السابق ذا أهمية وعناية تامة، يشغل أعلى هرم الأولويات، وضمن لائحة الضرورات الملحّة، بينما غالباً ما تشكّل الأزمات وطريقة إدارتها محطات ترسم حدوداً فاصلة بين مرحلتين: ما قبل وما بعد؛ سواء في حياة الأفراد أو في حياة الجماعات والدول. والإعلام ليس بمعزل عن هذا الواقع، بل هو من أكثر المجالات التي شهدت -ولا تزال- تطوراً متسارعاً بفضل وسائل التكنولوجيا والتواصل الجديدة التي فرضت على غرف التحرير والأخبار أنماطاً غير معهودة في مضامين الإنتاج الإعلامي وأشكاله، فضلاً عن طرائق التفاعل مع الجمهور المتلقي. ولأنها أزمة صحية وبائية اجتاحت أقطار العالم، لم تمرّ جائحة "كوفيد 19" مروراً عابراً على وسائل الإعلام العالمية وغرف الأخبار، كما هو الحال بالنسبة للمتلقي، فبدت بوادر التغيير وإرهاصات التحول تظهر بارزة، تاركة بصمات واضحة على العلاقة بين الجمهور ووسائل الإعلام ووسائط التواصل من جهة، وعلى السلوك الإعلامي/التواصلي لهذه الأخيرة من جهة ثانية.
تقوم السياسات النقدية بدور حيوي في دعم النشاط الاقتصادي والحفاظ على الاستقرار الاقتصادي من خلال الحفاظ على استقرار الأسعار ومواجهة التضخم، وبناء الثقة في الاقتصاد التي تدعم الاستثمار وتحقيق معدلات النمو المرتفعة. وقد ظهر جلياً الدور الكبير الذي قامت به البنوك المركزية في أعقاب تفشي فيروس كورونا، واندماج السياسات النقدية والمالية في محاولة لتهميش التداعيات السلبية إلى أقل ما يمكن، علاوة على تخطي العديد من المحاذير الاجرائية والانضباطية التي وضعتها البنوك المركزية في أعقاب أزمات مالية سابقة.
ظهر فيروس "كوفيد-19" المعروف باسم فيروس كورونا المستجد في الصين في ديسمبر 2019، وانتشر بفعل التقدم الكبير في حركة النقل الجوي والبري والبحري وبسرعة أكبر مما توقع كثيرون. وفي 11 مارس 2020 أفيد أن الوباء انتشر في اكثر من 110 دولة وصنفت منظمة الصحة العالمية هذا الوباء "بوباء عالمي". هذا التصنيف يعني أن العالم بأكمله معرض لهذا الوباء وتصبح الحكومات وأنظمتها الصحية ملزمة برفع درجة استعدادها لمواجهة العدوى وزيادة التدابير لمعالجة الحالات المرضية واتخاذ إجراءات مشددة لمكافحة الانتشار في قطاعات عديدة أبرزها الصحة والنقل والتعليم والبيئة ومن بينها أيضاً قطاع القوات المسلحة. لغاية مايو 2021، تجاوز عدد الإصابات في العالم 150 مليوناً وعدد الوفيات 3 ملايين ونصف المليون من بينهم 33 مليون إصابة ونصف مليون وفاة في الولايات المتحدة الأميركية وحدها.
تتناول هذه الورقة قراءة في أهم التقارير والتحليلات الأجنبية التي نشرتها كبريات الصحف العالمية والتي تناولت فضيحة "توم باراك"، مستشار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ورئيس لجنة تنصيبه عام 2017، واتهامه بالتآمر سرا للتأثير على السياسة الأمريكية لصالح دولة الإمارات العربية المتحدة، وكذلك فضيحة برنامج التجسس "بيجاسوس" الذي طورته شركة "إن إس أو" الإسرائيلية، واستخدمته أنظمة ديكتاتورية عدة حول العالم ضد خصومها ومعارضيها، كان من أبرزها حكومة دولة الإمارات.
في عددها الأول ضمن المجلد 94، الصادر عام 2018، نشرت مجلة "الشؤون الدولية" دراسة للمفكر الأميركي "جون آيكينبري" بعنوان نهاية النظام الدولي، انطلقت من أنه طيلة سبعة عقود من الزمن تمتّ الهيمنة على العالم من قِبل نظام غربي ليبرالي، فبعد الحرب العالمية الثانية بنت الولايات المتحدة وشركاءها نظاما دوليا متعدّد الأوجه ومترامي الأطراف، تمّ تنظيمه ليتمحور حول الانفتاح الاقتصادي، المؤسّسات متعدّدة الأطراف، التعاون الأمني والتضامن الديمقراطي. طوال هذه المدّة، صارت الولايات المتحدة بمثابة "المواطن الأول" لهذا النظام، مُوفّرةً قيادة الهيمنة، مُثبّتةً للتحالفات، مُحقّقةً لاستقرار الاقتصاد العالمي، مُعزّزةً للتعاون ومنتصرةً لقيم "العالم الحرّ". صعدت أوروبا الغربية واليابان باعتبارهما شريكيْن أساسيين، وَثَّقتا أمنهما وثروتهما الاقتصادية بهذا النظام الليبرالي المتوسّع.
إنّ الهدف من هذه الدراسة ليس الوقوف على مجريات الأحداث التاريخية والسياسية في مصر بطريقة مفصّلة، لكنّ هدفنا رصد الأفكار والرؤى التي تحكّمت في سير مجريات العنف وتجلياته في جدلية الدين والدولة، وقد ركّزنا اهتمامنا على الإخوان المسلمين بوصفها أوّل حركة إسلامية ظهرت في التاريخ الإسلامي الحديث. ذلك أنّ الإخوان المسلمين توجّه إليهم أصابع الاتهام بالعنف ضد الدولة في كل مرحلة من مراحلها ابتداء من زمن ظهورهم وصولا إلى صعودهم إلى الحكم، خاصّة أنّ الإخوان أبدوا كرههم للدول الوطنية منذ البداية.
تمهيد تعتبر حقوق الإنسان وحرياته من العناصر الأساسية التي تقوم عليها النظم الديمقراطية، بحيث حظيت باهتمام واسع في التاريخ المعاصر في ظل امتداد ضمانات حمايتها دوليا وإقليميا ووطنيا بموجب مواثيق دولية وتشريعات داخلية، وذلك في سبيل تحقيق الأهداف والغايات الرئيسية لبناء دولة ذات أسس ديمقراطية سليمة في ظل قيم ومبادئ الحرية والعدالة وسيادة الحق والقانون. وقد شهدت المنطقة العربية ثورات واحتجاجات من أجل تحقيق انتقال ديمقراطي على أساس احترام القيم الخاصة بالحقوق والحريات، لكن ذلك لم يتحقق في ظل وجود أزمة حقيقية تعيشها دول المنطقة نتيجةً لغياب الثقافة الديمقراطية واستئثار القوى الحاكمة-العسكر نموذجا- بالسلطة. وتظل مصر ضمن أقوى النماذج في هذا السياق، بحيث تم الانقلاب على ثورتها الشعبية للعام 2011 والتي كانت من أهم شعاراتها حرية-كرامة إنسانية وعدالة اجتماعية، بفعل سيادة المنطق السلطوي الذي لا يؤمن بمبادئ الحكم المدني-الديمقراطي على دواليب الحكم منذ سقوط الملكية والتأسيس لجمهورية عسكرية في العام 1952 لتظل مصر منذ ذلك الحين إلى الآن في ظل قبضة الحكم العسكري والذي تنامت قوته في ظل حكم الجنرال عبد الفتاح السيسي، الذي استطاع عسكرة الدولة في جميع مناحيها ودواليبها. وتأسيسا على ذلك، فمنذ انقلاب 3 يوليو 2013 ومصر تشهد انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان وقمعا للحريات الأساسية، انتشرت على إثرها ظواهر لا حصر لها من قتل وتعذيب واعتقالات تعسفية وإخفاءات قسرية وإعدامات خارج إطار القانون ومحاكمات تغيب عنها قيم العدالة والتي طالت المصريين الرافضين لسيادة الحكم العسكري. وترجع الأسباب المركزية في استشراء ذلك على نطاق واسع إلى طبيعة نظام السيسي ذي الخلفية العسكرية والذي انتهج لغة القمع لتخويف المواطن المصري بمختلف أطيافه ومكوناته وإحكام قبضته الأمنية عليه، لصده عن المطالبة بحقوقه التي نادى بها في ثورة يناير؛ ومن أبرزها انحلال مصر من قبضة الاستبداد العسكري ودخولها إلى عصر الدولة المدنية الديمقراطية.
على عكس سياستها الخارجية المنكفئة على نفسها منذ تأسيس الجمهورية عام 1923، بلورت تركيا في السنوات القليلة الأخيرة سياسة خارجية مبادرة في المنطقة. مؤخراً، ثمة مشروع تركي إقليمي يمكن تلمس ملامحه العامة، من خلال رصد الأدوار التي تلعبها أنقرة حالياً في عدد من الدول وفي مقدمتها سوريا والعراق وليبيا. تبحث هذه الورقة في متغيرات السياسة الخارجية التركية في السنوات الأخيرة، والدور الإقليمي لتركيا في مختلف القضايا والدول، وتأثيرها على عدد منها، وأهم ملامح المشروع الإقليمي لتركيا، وموقعها من المحاور والاصطفافات الإقليمية.
تمثلت الإشكالية المركزية للدراسة في الإجابة على السؤال التالي: ما تأثير التهديدات الأمنية الجديدة في الحوض المتوسطي على البعد الاستراتيجي للأمن الوطني الجزائري؟ وتمت الاستعانة بعدة مناهج مكملة لبعضها البعض من أجل الوصول إلى حل للإشكالية المطروحة؛ لذلك، تم الاعتماد على المنهج التاريخي والذي ساعدنا على وضع الدراسة في محيطها وظروفها الأساسية، كما تم الاستعانة كذلك بالمنهج الوصفي من أجل تقديم وصف دقيق للظاهرة محل الدراسة وحيثياتها المختلفة والمتعددة.
بدأ المشهد مع الانقلاب العسكري في مصر فيما تحتل تركيا المركز الثالث والرابع كشريك تجاري لمصر في الواردات والصادرات على الترتيب، وبحلول نهاية 2018، تجاوزت التجارة بين البلدين عتبة 5 مليار دولار في اتجاه الزيادة لا التراجع، وهو رقم كبير نسبيا في بلد بحجم مصر يشهد تنوعا واسعا فيما يتعلق بوجهات وبمصادر تجارتها الخارجية على حد سواء. هذا الفارق بين النموذجين المصري والسعودي يعكس توجه الدولة المصرية؛ حتى بعد الانقلاب العسكري، وما ارتبط به من تهجير قسري لقطاع واسع من النخبة المصرية المعارضة للدولة التركية بشكل خاص. هذه الصورة المدعومة بالأرقام ترتسم ملامحها برغم الدعاية السلبية المصرية التي تهدف لكسب قدر من الشرعية تحت لافتة تركيع تركيا، أو حتى برغم الدعاية الإيجابية التركية؛ والتي تهدف لحفظ التوجه الإيجابي الصادر عن الدولة المصرية، وتحريكه في إطار يدعم استمرار الدفء بمنسوبه المشار إليه، حتى وإن كانت العلاقات على مستوى مؤسسات الرئاسة في كلا البلدين تشهد توترا؛ ربما يرجع لضغوط الرعاة الخليجيين في مصر، أو رفض الرئاسة التركية فكرة الانقلاب التي تمثل عاملا قسريا جرى استغلاله لتشويه إرادة الشعوب في منطقة الشرق الأوسط طيلة فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية. هذه الورقة تحاول توصيف ملامح التقارب المصري التركي، وتعمل على إجلاء دوافعه الاستراتيجية وغير الاستراتيجية، كما تسعى لاستكشاف آفاقه المستقبلية.
تحاول هذه الورقة من خلال استقراء المواقف الصينية والإيرانية والعربية، فهم التحوّلات الجارية بعلاقة الصين مع المنطقة، واستشراف الدور الصيني المقبل فيها، وكيفية تعاطي الدول العربية مع مستقبل يمكن أن ينحسر فيه النفوذ الأمريكي في المنطقة العربية، وينمو فيه كل من النفوذ الصيني والإيراني، وذلك من خلال محاولة الإجابة على الأسئلة التالية: 1. هل هناك تحول إيجابي حقيقي في السياسة الخارجية الصينية تجاه المنطقة، وما هي مظاهر ذلك؟ 2. كيف ستؤثر العلاقات العربية الصينية النامية، على علاقات الدول العربية مع دول الإقليم والقوى الدولية الكبرى؟ 3. هل شكّل توقيع الصين اتفاقية مع إيران تحولّاً حقيقياً في العلاقات بينهما، وما هي مظاهر ذلك؟ 4. كيف ستتعامل الصين مع التناقضات السائدة في المنطقة؟ 5. هل ستتحول المنطقة إلى منطقة تنازع بين الصين والولايات المتحدة وما هو الموقف العربي من ذلك؟
تختلف مستويات دراسة الظواهر أو المفاهيم المفردة (سواء ما تعلق منها بالتنظير على حدة أو بالواقع على حدة) عن مستويات دراسة الظواهر والمفاهيم حال تعالقها وتعانقها واشتباكها، الأمر الذي يعني أن دراسات "العلاقات" بين مفاهيم نظرية أو ظواهر واقعية يجب أن يكون التحليل فيها أعمق وأكثر اعتباراً لمقتضيات التشابك والتداخل والتقاطع والتوافق والتفاعل. ودراسة العلاقة بين "الديني" و"السياسي" هي أحوج ما تكون لهذا التأكيد، وتستلزم من ثم مواجهة إشكالات أربعة رئيسة هي: إشكالية نظرية، إشكالية واقعية، إشكالية تتعلق بالعلاقة بين النظري والواقعى، وإشكالية تتعلق ما بين تعدد المداخل التي يمكن أن تتقاطع مع الديني والسياسي.
نشرت مجلة الأبحاث البيئية البريطانية العريقة (Environmental Research Letters) بتاريخ 11 يونيو 2021 بحثاً أجرته جامعة جنوب كاليفورنيا بالتعاون مع جامعة كورنيل ووكالة الفضاء الأمريكية (ناسا)، تحت إشراف عالم الفضاء المصري د. عصام حجي، والذي جاء تحت عنوان: "عجز ميزانية المياه في مصر وسياسات مقترحة لتخفيف سيناريوهات ملء سد النهضة". حدد البحث حجم العجز المائي لمصر الذي من المتوقع أن يسببه سد النهضة وآثاره الاقتصادية، وقدم حلولاً مقترحة للتغلب على العجز المائي السنوي المتوقع حدوثه أثناء فترة ملء السد. وأشار البحث إلى أنه في الوقت الذي يوفر فيه سد النهضة، الذي تبلغ سعته 74 مليار متر مكعب، فرص تنموية كبيرة واعدة لإثيوبيا، فإنه سيشكل عجزاً مائياً صعباً لمصر. وبحسب البحث فإنه يُتوقع أن تعاني مصر خلال سنوات الملء من عجز مائي يصل إلى 31 مليار متر مكعب سنويا وهو ما يعادل نسبة 40% من الموازنة المائية الحالية لمصر. وفي حالة ملء السد على مدى ثلاث سنوات، فستتراجع الرقعة الزراعية في مصر بنسبة قد تصل إلى 72%، مما يؤدي إلى خسارة إجمالية للناتج المحلي الإجمالي الزراعي بمقدار 51 مليار دولار. وأشار البحث إلى أن الناتج المحلي الإجمالي للفرد سينخفض بنسبة 8% تقريباً، وهو ما سيؤدي إلى ارتفاع نسبة البطالة إلى 25%. ونظراً لأهمية موضوع البحث، وما قد يشكله سد النهضة الإثيوبي من آثار مدمرة على مصر، كما سيتضح من الدراسة، قام المعهد المصري بترجمة البحث وإتاحته للباحثين