logo-3

تناول العدد الثالث والعشرين من مجلة المعهد المصري، إصدار يوليو 2021، عدداً من الدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والقانونية، التي تناولت مجموعة من القضايا محل الاهتمام على المستويين الإقليمي والدولي، وذلك على النحو التالي:

دراسة: عجز ميزانية المياه في مصر وسياسات مقترحة لتخفيف سيناريوهات ملء سد النهضة، د. عصام حجي وآخرون

نشرت مجلة الأبحاث البيئية البريطانية العريقة (Environmental Research Letters) بتاريخ 11 يونيو 2021 بحثاً أجرته جامعة جنوب كاليفورنيا بالتعاون مع جامعة كورنيل ووكالة الفضاء الأمريكية (ناسا)، تحت إشراف عالم الفضاء المصري د. عصام حجي، والذي جاء تحت عنوان: "عجز ميزانية المياه في مصر وسياسات مقترحة لتخفيف سيناريوهات ملء سد النهضة". حدد البحث حجم العجز المائي لمصر الذي من المتوقع أن يسببه سد النهضة وآثاره الاقتصادية، وقدم حلولاً مقترحة للتغلب على العجز المائي السنوي المتوقع حدوثه أثناء فترة ملء السد. وأشار البحث إلى أنه في الوقت الذي يوفر فيه سد النهضة، الذي تبلغ سعته 74 مليار متر مكعب، فرص تنموية كبيرة واعدة لإثيوبيا، فإنه سيشكل عجزاً مائياً صعباً لمصر. وبحسب البحث فإنه يُتوقع أن تعاني مصر خلال سنوات الملء من عجز مائي يصل إلى 31 مليار متر مكعب سنويا وهو ما يعادل نسبة 40% من الموازنة المائية الحالية لمصر. وفي حالة ملء السد على مدى ثلاث سنوات، فستتراجع الرقعة الزراعية في مصر بنسبة قد تصل إلى 72%، مما يؤدي إلى خسارة إجمالية للناتج المحلي الإجمالي الزراعي بمقدار 51 مليار دولار. وأشار البحث إلى أن الناتج المحلي الإجمالي للفرد سينخفض بنسبة 8% تقريباً، وهو ما سيؤدي إلى ارتفاع نسبة البطالة إلى 25%.

ونظراً لأهمية موضوع البحث، وما قد يشكله سد النهضة الإثيوبي من آثار مدمرة على مصر، كما سيتضح من الدراسة، قام المعهد المصري بترجمة البحث وإتاحته للباحثين، وذلك على النحو التالي:

العلاقة بين الديني والمدني والسياسي: مقدمات منهجية

د. سيف الدين عبد الفتّاح

تختلف مستويات دراسة الظواهر أو المفاهيم المفردة (سواء ما تعلق منها بالتنظير على حدة أو بالواقع على حدة) عن مستويات دراسة الظواهر والمفاهيم حال تعالقها وتعانقها واشتباكها، الأمر الذي يعني أن دراسات "العلاقات" بين مفاهيم نظرية أو ظواهر واقعية يجب أن يكون التحليل فيها أعمق وأكثر اعتباراً لمقتضيات التشابك والتداخل والتقاطع والتوافق والتفاعل. ودراسة العلاقة بين "الديني" و"السياسي" هي أحوج ما تكون لهذا التأكيد، وتستلزم من ثم مواجهة إشكالات أربعة رئيسة هي: إشكالية نظرية، إشكالية واقعية، إشكالية تتعلق بالعلاقة بين النظري والواقعى، وإشكالية تتعلق ما بين تعدد المداخل التي يمكن أن تتقاطع مع الديني والسياسي.

الصين والشرق الأوسط: استراتيجية حقيقة أم مزاحمة تكتيكية؟

د. محمد مكرم بلعاوي وتوفيق حميد

تحاول هذه الورقة من خلال استقراء المواقف الصينية والإيرانية والعربية، فهم التحوّلات الجارية بعلاقة الصين مع المنطقة، واستشراف الدور الصيني المقبل فيها، وكيفية تعاطي الدول العربية مع مستقبل يمكن أن ينحسر فيه النفوذ الأمريكي في المنطقة العربية، وينمو فيه كل من النفوذ الصيني والإيراني، وذلك من خلال محاولة الإجابة على الأسئلة التالية:

  1. هل هناك تحول إيجابي حقيقي في السياسة الخارجية الصينية تجاه المنطقة، وما هي مظاهر ذلك؟
  2. كيف ستؤثر العلاقات العربية الصينية النامية، على علاقات الدول العربية مع دول الإقليم والقوى الدولية الكبرى؟
  3. هل شكّل توقيع الصين اتفاقية مع إيران تحولّاً حقيقياً في العلاقات بينهما، وما هي مظاهر ذلك؟
  4. كيف ستتعامل الصين مع التناقضات السائدة في المنطقة؟
  5. هل ستتحول المنطقة إلى منطقة تنازع بين الصين والولايات المتحدة وما هو الموقف العربي من ذلك؟

 

التقارب المصري التركي: الحدود والأبعاد

وسام فؤاد

بدأ المشهد مع الانقلاب العسكري في مصر فيما تحتل تركيا المركز الثالث والرابع كشريك تجاري لمصر في الواردات والصادرات على الترتيب، وبحلول نهاية 2018، تجاوزت التجارة بين البلدين عتبة 5 مليار دولار في اتجاه الزيادة لا التراجع، وهو رقم كبير نسبيا في بلد بحجم مصر يشهد تنوعا واسعا فيما يتعلق بوجهات وبمصادر تجارتها الخارجية على حد سواء. هذا الفارق بين النموذجين المصري والسعودي يعكس توجه الدولة المصرية؛ حتى بعد الانقلاب العسكري، وما ارتبط به من تهجير قسري لقطاع واسع من النخبة المصرية المعارضة للدولة التركية بشكل خاص.

هذه الصورة المدعومة بالأرقام ترتسم ملامحها برغم الدعاية السلبية المصرية التي تهدف لكسب قدر من الشرعية تحت لافتة تركيع تركيا، أو حتى برغم الدعاية الإيجابية التركية؛ والتي تهدف لحفظ التوجه الإيجابي الصادر عن الدولة المصرية، وتحريكه في إطار يدعم استمرار الدفء بمنسوبه المشار إليه، حتى وإن كانت العلاقات على مستوى مؤسسات الرئاسة في كلا البلدين تشهد توترا؛ ربما يرجع لضغوط الرعاة الخليجيين في مصر، أو رفض الرئاسة التركية فكرة الانقلاب التي تمثل عاملا قسريا جرى استغلاله لتشويه إرادة الشعوب في منطقة الشرق الأوسط طيلة فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية.

هذه الورقة تحاول توصيف ملامح التقارب المصري التركي، وتعمل على إجلاء دوافعه الاستراتيجية وغير الاستراتيجية، كما تسعى لاستكشاف آفاقه المستقبلية.

التهديدات الأمنية الجديدة بالمتوسط والبعد الاستراتيجي للجزائر

د. صبرينة جعفر

تمثلت الإشكالية المركزية للدراسة في الإجابة على السؤال التالي: ما تأثير التهديدات الأمنية الجديدة في الحوض المتوسطي على البعد الاستراتيجي للأمن الوطني الجزائري؟

وتمت الاستعانة بعدة مناهج مكملة لبعضها البعض من أجل الوصول إلى حل للإشكالية المطروحة؛ لذلك، تم الاعتماد على المنهج التاريخي والذي ساعدنا على وضع الدراسة في محيطها وظروفها الأساسية، كما تم الاستعانة كذلك بالمنهج الوصفي من أجل تقديم وصف دقيق للظاهرة محل الدراسة وحيثياتها المختلفة والمتعددة.

قراءة في المشروع الإقليمي لتركيا

د. سعيد الحاج

على عكس سياستها الخارجية المنكفئة على نفسها منذ تأسيس الجمهورية عام 1923، بلورت تركيا في السنوات القليلة الأخيرة سياسة خارجية مبادرة في المنطقة. مؤخراً، ثمة مشروع تركي إقليمي يمكن تلمس ملامحه العامة، من خلال رصد الأدوار التي تلعبها أنقرة حالياً في عدد من الدول وفي مقدمتها سوريا والعراق وليبيا.

تبحث هذه الورقة في متغيرات السياسة الخارجية التركية في السنوات الأخيرة، والدور الإقليمي لتركيا في مختلف القضايا والدول، وتأثيرها على عدد منها، وأهم ملامح المشروع الإقليمي لتركيا، وموقعها من المحاور والاصطفافات الإقليمية.

حقوق الإنسان في مصر بعد 2013: بين النصوص القانونية والاشكاليات العملية

د. نورة الحفيان

تمهيد

تعتبر حقوق الإنسان وحرياته من العناصر الأساسية التي تقوم عليها النظم الديمقراطية، بحيث حظيت باهتمام واسع في التاريخ المعاصر في ظل امتداد ضمانات حمايتها دوليا وإقليميا ووطنيا بموجب مواثيق دولية وتشريعات داخلية، وذلك في سبيل تحقيق الأهداف والغايات الرئيسية لبناء دولة ذات أسس ديمقراطية سليمة في ظل قيم ومبادئ الحرية والعدالة وسيادة الحق والقانون.

وقد شهدت المنطقة العربية ثورات واحتجاجات من أجل تحقيق انتقال ديمقراطي على أساس احترام القيم الخاصة بالحقوق والحريات، لكن ذلك لم يتحقق في ظل وجود أزمة حقيقية تعيشها دول المنطقة نتيجةً لغياب الثقافة الديمقراطية واستئثار القوى الحاكمة-العسكر نموذجا- بالسلطة. وتظل مصر ضمن أقوى النماذج في هذا السياق، بحيث تم الانقلاب على ثورتها الشعبية للعام 2011 والتي كانت من أهم شعاراتها حرية-كرامة إنسانية وعدالة اجتماعية، بفعل سيادة المنطق السلطوي الذي لا يؤمن بمبادئ الحكم المدني-الديمقراطي على دواليب الحكم منذ سقوط الملكية والتأسيس لجمهورية عسكرية في العام 1952 لتظل مصر منذ ذلك الحين إلى الآن في ظل قبضة الحكم العسكري والذي تنامت قوته في ظل حكم الجنرال عبد الفتاح السيسي، الذي استطاع عسكرة الدولة في جميع مناحيها ودواليبها.

وتأسيسا على ذلك، فمنذ انقلاب 3 يوليو 2013 ومصر تشهد انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان وقمعا للحريات الأساسية، انتشرت على إثرها ظواهر لا حصر لها من قتل وتعذيب واعتقالات تعسفية وإخفاءات قسرية وإعدامات خارج إطار القانون ومحاكمات تغيب عنها قيم العدالة والتي طالت المصريين الرافضين لسيادة الحكم العسكري. وترجع الأسباب المركزية في استشراء ذلك على نطاق واسع إلى طبيعة نظام السيسي ذي الخلفية العسكرية والذي انتهج لغة القمع لتخويف المواطن المصري بمختلف أطيافه ومكوناته وإحكام قبضته الأمنية عليه، لصده عن المطالبة بحقوقه التي نادى بها في ثورة يناير؛ ومن أبرزها انحلال مصر من قبضة الاستبداد العسكري ودخولها إلى عصر الدولة المدنية الديمقراطية.

العنف والعنف المضاد بين الدولة والحركات الإسلامية: الإخوان المسلمين نموذجاً

ثريا عرفاوي

إنّ الهدف من هذه الدراسة ليس الوقوف على مجريات الأحداث التاريخية والسياسية في مصر بطريقة مفصّلة، لكنّ هدفنا رصد الأفكار والرؤى التي تحكّمت في سير مجريات العنف وتجلياته في جدلية الدين والدولة، وقد ركّزنا اهتمامنا على الإخوان المسلمين بوصفها أوّل حركة إسلامية ظهرت في التاريخ الإسلامي الحديث. ذلك أنّ الإخوان المسلمين توجّه إليهم أصابع الاتهام بالعنف ضد الدولة في كل مرحلة من مراحلها ابتداء من زمن ظهورهم وصولا إلى صعودهم إلى الحكم، خاصّة أنّ الإخوان أبدوا كرههم للدول الوطنية منذ البداية.

وللوقوف على مظاهر العنف والعنف المضاد بين الدولة والإخوان المسلمين، لا سيما أنّ الأنظمة الحاكمة في الدول العربية تطرح إشكالية ثانية تتضمّن جدلية الدين والدولة، حيث لم تقم بحسمها إلى الآن نظرا للنظرة التمجيدية إلى التراث الإسلامي ككل وإلى نظام الحكم بصفة خاصة، بوصفه نظرية متكاملة في الاجتماع والسياسة معا. وتحصيلا للدقة العلمية المرجوة من البحوث الأكاديمية ومن هذا البحث تحديدا سنتّبع خطوات بعينها، ومن بينها تحديد العلاقة بين الإخوان المسلمين والدولة في كل مرحلة من مراحل الحكم في الدولة المصرية. هذا من الناحية المنهجية أمّا من ناحية المعطيات والمعلومات أي مادة بحثنا فقد حاولنا الاستناد أوّلا إلى مصادر الإخوان المسلمين أنفسهم ولا سيما كتابات حسن البنا وسيد قطب في البداية، حيث شكّل الأوّل النواة الأولى للجماعة في إعادة التفكير في الجهاد، أمّا الثاني فقد شكّلت مقولاته محور اهتمام الحركات الإسلامية اللاحقة في بلورة وتطوير نظريتي “الجاهلية” و”الحاكمية” والذي أتاح من خلالهما إباحة قتل الحكام، أو إباحة الجهاد الداخلي. أمّا في المرحلة الثانية فقد استندنا إلى الدراسات النقدية التي تناولت أدبيات الإخوان المسلمين بالدراسة والتحليل، هدفنا الأساسي الخروج من هذا البحث بنظرة علمية موضوعية من شأنها ملامسة حقيقة العلاقة المتوترة بين الدولة والإخوان المسلمين.

جون آيكينبري ونهاية النظام الدولي الليبرالي

ترجمة: جلال خشيب

في عددها الأول ضمن المجلد 94، الصادر عام 2018، نشرت مجلة “الشؤون الدولية” دراسة للمفكر الأميركي “جون آيكينبري” بعنوان نهاية النظام الدولي، انطلقت من أنه طيلة سبعة عقود من الزمن تمتّ الهيمنة على العالم من قِبل نظام غربي ليبرالي، فبعد الحرب العالمية الثانية بنت الولايات المتحدة وشركاءها نظاما دوليا متعدّد الأوجه ومترامي الأطراف، تمّ تنظيمه ليتمحور حول الانفتاح الاقتصادي، المؤسّسات متعدّدة الأطراف، التعاون الأمني والتضامن الديمقراطي. طوال هذه المدّة، صارت الولايات المتحدة بمثابة “المواطن الأول” لهذا النظام، مُوفّرةً قيادة الهيمنة، مُثبّتةً للتحالفات، مُحقّقةً لاستقرار الاقتصاد العالمي، مُعزّزةً للتعاون ومنتصرةً لقيم “العالم الحرّ”. صعدت أوروبا الغربية واليابان باعتبارهما شريكيْن أساسيين، وَثَّقتا أمنهما وثروتهما الاقتصادية بهذا النظام الليبرالي المتوسّع.

وبعد نهاية الحرب الباردة، انتشر هذا النظام في الخارج، أنجزت دولٌ في شرق آسيا، أوروبا الشرقية وأمريكا اللاتينية انتقالاتٍ ديمقراطية وصارت مندمجةً في الاقتصاد العالمي. وبالقدر الذّي توسّع فيه نظام ما بعد الحرب، اتسعت أيضاً مؤسّسات الحَوْكَمة المتعلّقة به. توسّع الناتو، وتمّ إطلاق منظمة التجارة العالمية، كما أخذت مجموعة العشرين الكبار (G20) مركز الصدارة. وبالنظر إلى وضع العالم مع نهاية القرن العشرين، يُمكن إلتماس العذر لذلك الذّي يُفكّر بأنّ التاريخ كان متحرّكاً في اتجاه تقدّميٍ، ليبرالي ودولي النزعة.

التدخلات الإماراتية في السياسة الأميركية في ضوء التقارير الدولية

عادل رفيق

تتناول هذه الورقة قراءة في أهم التقارير والتحليلات الأجنبية التي نشرتها كبريات الصحف العالمية والتي تناولت فضيحة “توم باراك”، مستشار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ورئيس لجنة تنصيبه عام 2017، واتهامه بالتآمر سرا للتأثير على السياسة الأمريكية لصالح دولة الإمارات العربية المتحدة، وكذلك فضيحة برنامج التجسس “بيجاسوس” الذي طورته شركة “إن إس أو” الإسرائيلية، واستخدمته أنظمة ديكتاتورية عدة حول العالم ضد خصومها ومعارضيها، كان من أبرزها حكومة دولة الإمارات.

الجيوش وجهوزيتها في مواجهة وباء كورونا

العميد إلياس فرحات

ظهر فيروس “كوفيد-19” المعروف باسم فيروس كورونا المستجد في الصين في ديسمبر 2019، وانتشر بفعل التقدم الكبير في حركة النقل الجوي والبري والبحري وبسرعة أكبر مما توقع كثيرون. وفي 11 مارس 2020 أفيد أن الوباء انتشر في اكثر من 110 دولة وصنفت منظمة الصحة العالمية هذا الوباء “بوباء عالمي”.

هذا التصنيف يعني أن العالم بأكمله معرض لهذا الوباء وتصبح الحكومات وأنظمتها الصحية ملزمة برفع درجة استعدادها لمواجهة العدوى وزيادة التدابير لمعالجة الحالات المرضية واتخاذ إجراءات مشددة لمكافحة الانتشار في قطاعات عديدة أبرزها الصحة والنقل والتعليم والبيئة ومن بينها أيضاً قطاع القوات المسلحة.

لغاية مايو 2021، تجاوز عدد الإصابات في العالم 150 مليوناً وعدد الوفيات 3 ملايين ونصف المليون من بينهم 33 مليون إصابة ونصف مليون وفاة في الولايات المتحدة الأميركية وحدها.

فور انتشار الفيروس بادرت السلطات الصحية والإدارية إلى فرض تدابير للمعالجة وللحد من انتشار الفيروس. فرضت بعض الدول حجراً على المصابين بالفيروس وغير المصابين أيضاً في فنادق محددة ولمدة 14 يوماً وهذا ما عقّد حركة انتقال الأشخاص في بلدان معينة وفي أوقات معينة.

وتحوّل الحجر إلى إجراء علاجي يفرض على المصاب بالفيروس الذي تسمح حالته بتلقي العلاج في منزله ويفرض كذلك على المخالطين بأن يحجروا أنفسهم لمدة 14 يوماً من أجل التثبت من عدم إصابتهم. وقد أدى ذلك إلى تعقيدات كبيرة على علاقات العمل والعلاقات الاجتماعية بما في ذلك نشاطات القوات المسلحة.

والإجراء الثاني هو الإغلاق وهو يفرض التزام السكان منازلهم واتباع إرشادات السلطات الإدارية والأمنية والصحية التي تنظم عملية الخروج المحدودة من المنازل لأسباب معيشية. الإجراء الثالث هو التباعد الاجتماعي ويعني ابتعاد كل إنسان عن الآخر مسافة آمنة تتراوح بين متر ونصف ومترين، لا تسمح للفيروس بالانتقال.

ونتج عن التباعد الاجتماعي نهاية عادات شخصية واجتماعية أهمها التقبيل والعناق والسلام بالأيدي. كما فرض التباعد الاجتماعي قيوداً على مقرات العمل والمدارس والجامعات والتجمعات الدينية والنشاطات السياسية والرياضية والترفيهية، وخلق مشكلة في وسائل النقل العام في الباصات والقطارات وحتى في سيارات التاكسي التي لا تؤمن مسافة تباعد آمنة بالإضافة إلى مشاكل خاصة بالتجمعات العسكرية على اختلاف أنواعها.

نعرض في هذه الدراسة إلى تأثيرات انتشار الوباء العالمي كوفيد-19 على الجيوش في مختلف أنحاء العالم وخاصة الجهوزية والمهام العملياتية والتدريب وتحقيق العتاد العسكري ودور الجيوش والأجهزة الأمنية في دعم السلطات الصحية والإدارية لمعالجة هذا الوباء.

البنوك المركزية ومواجهة أزمة كورونا: الإجراءات والتحديات

د. أحمد ذكر الله

تقوم السياسات النقدية بدور حيوي في دعم النشاط الاقتصادي والحفاظ على الاستقرار الاقتصادي من خلال الحفاظ على استقرار الأسعار ومواجهة التضخم، وبناء الثقة في الاقتصاد التي تدعم الاستثمار وتحقيق معدلات النمو المرتفعة.

وقد ظهر جلياً الدور الكبير الذي قامت به البنوك المركزية في أعقاب تفشي فيروس كورونا، واندماج السياسات النقدية والمالية في محاولة لتهميش التداعيات السلبية إلى أقل ما يمكن، علاوة على تخطي العديد من المحاذير الاجرائية والانضباطية التي وضعتها البنوك المركزية في أعقاب أزمات مالية سابقة.

وهي الأمور التي استدعت قلقاً كان متراكما بالفعل في أعقاب تداخلات مناظرة ولكن على نطاق أقل لمواجهة ازمات كبري سابقة، وانعكس هذا القلق في تساؤلات حول إمكانية أن تتخلي البنوك المركزية عن القيام بمثل هذه الأدوار في المستقبل، أو على الأقل أن تخفف من هذه التخلات كماً ونوعاً، وحول التحديات لبنوك المركزية والتي نجمت من توالي هذه التدخلات سواء في الأزمة الحالية أو في الأزمات السابقة، علاوة على التساؤل حول إمكانية احتفاظ البنوك المركزية باستقلاليتها، والتي تعد أهم روافع الثقة في السياسات النقدية والبنوك المركزية. وذلك ما تحاول الدراسة بحثه بالتفصيل.

أهمية الدراسة:

أثيرت العديد من النقاشات حول مصداقية البنوك المركزية وسياساتها النقدية بعدما أصبح الاعتماد عليها كمصدر سيولة رئيس معتاداً، فهي أضحت جاهزة للتدخل عند تعرض الأسواق لأية مخاطر. وبعد توالي التدخلات من البنوك المركزية في الأزمات الاقتصادية السابقة، ثم التدخلات المكثفة بعد أزمة كورونا أصبح المستمثرون ينتظرون ويثقون في حدوث هذه التدخلات.

لقد اضطرت البنوك المركزية إلى التدخل وربما التدخل المفرط مرارا، وبشكل زائد عن الحد، وفي سياسات لم تختبر من قبل، مستخدمة سلسلة من الإجراءات غير التقليدية – وغير المجربة – لدعم النمو الاقتصادي وتجنب حدوث انكماش يكون ذو آثار تخريبية.

وقد خلقت هذه التدخلات الكثير من التحديات للبنوك المركزية، ومنها تقويض بعضاً من استقلاليتها، بالإضافة إلى مخاطر فقدان القدرة على التأثير في ظل استهلاك الأدوات المتاحة بعمق وكثافة مع بداية الأزمة الراهنة، كما عرضت التدخلات مصداقيتها للخطر، حيث تسببت في تضخم عدم المساواة في الثروة وتزايد مخاطر الاستقرار المالي في المستقبل.

وتنبع أهمية هذه الدراسة من تمتع السياسة النقدية والبنوك المركزية بطبيعة مميزة وخاصة للغاية، تجعل ديمومة شفافيتها ومصداقيتها واستقلاليتها أعمدة رئيسة في خلق مناخ الثقة في سياساتها النقدية وفاعليتها، وأن التحديات التي فرضت جراء توالي تدخلاتها العميقة لمواجهة الأزمات لا سيما أزمة كورونا تمثل تهديدا لهذه الأعمدة، ولذلك كان من المهم بحث هذه التحديات، في اطار محاولة لاستشراف مستقبل البنوك المركزية بعد جائحة كورونا.

أهداف الدراسة:

تهدف الدراسة بشكل عام إلى محاولة الوقوف على مستقبل البنوك المركزية في اعقاب جائحة كورونا، ويتفرع عن هذا الهدف العام مجموعة من الاهداف الفرعية، وهي:

  • التعرف على أهم إجراءات البنوك المركزية لمواجهة تداعيات فيروس كورونا.
  • التحديات التي تواجه البنوك المركزية.
  • مستقبل البنوك المركزية عقب أزمة كورونا.

 دور وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي في جائحة كورونا

د. طارق عبود

تُسهم الأزمات عادة في إعادة ترتيب المشهد، أيّاً كان نوعُ هذه الأزمة أو طبيعتها ومدى تأثيرها، فبفضلها، قد يصبح تفصيل صغير جدّاً لم يكن في السابق ذا أهمية وعناية تامة، يشغل أعلى هرم الأولويات، وضمن لائحة الضرورات الملحّة، بينما غالباً ما تشكّل الأزمات وطريقة إدارتها محطات ترسم حدوداً فاصلة بين مرحلتين: ما قبل وما بعد؛ سواء في حياة الأفراد أو في حياة الجماعات والدول.

والإعلام ليس بمعزل عن هذا الواقع، بل هو من أكثر المجالات التي شهدت -ولا تزال- تطوراً متسارعاً بفضل وسائل التكنولوجيا والتواصل الجديدة التي فرضت على غرف التحرير والأخبار أنماطاً غير معهودة في مضامين الإنتاج الإعلامي وأشكاله، فضلاً عن طرائق التفاعل مع الجمهور المتلقي.

ولأنها أزمة صحية وبائية اجتاحت أقطار العالم، لم تمرّ جائحة “كوفيد 19” مروراً عابراً على وسائل الإعلام العالمية وغرف الأخبار، كما هو الحال بالنسبة للمتلقي، فبدت بوادر التغيير وإرهاصات التحول تظهر بارزة، تاركة بصمات واضحة على العلاقة بين الجمهور ووسائل الإعلام ووسائط التواصل من جهة، وعلى السلوك الإعلامي/التواصلي لهذه الأخيرة من جهة ثانية.

في هذا العدد:

تُسهم الأزمات عادة في إعادة ترتيب المشهد، أيّاً كان نوعُ هذه الأزمة أو طبيعتها ومدى تأثيرها، فبفضلها، قد يصبح تفصيل صغير جدّاً لم يكن في السابق ذا أهمية وعناية تامة، يشغل أعلى هرم الأولويات، وضمن لائحة الضرورات الملحّة، بينما غالباً ما تشكّل الأزمات وطريقة إدارتها محطات ترسم حدوداً فاصلة بين مرحلتين: ما قبل وما بعد؛ سواء في حياة الأفراد أو في حياة الجماعات والدول. والإعلام ليس بمعزل عن هذا الواقع، بل هو من أكثر المجالات التي شهدت -ولا تزال- تطوراً متسارعاً بفضل وسائل التكنولوجيا والتواصل الجديدة التي فرضت على غرف التحرير والأخبار أنماطاً غير معهودة في مضامين الإنتاج الإعلامي وأشكاله، فضلاً عن طرائق التفاعل مع الجمهور المتلقي. ولأنها أزمة صحية وبائية اجتاحت أقطار العالم، لم تمرّ جائحة "كوفيد 19" مروراً عابراً على وسائل الإعلام العالمية وغرف الأخبار، كما هو الحال بالنسبة للمتلقي، فبدت بوادر التغيير وإرهاصات التحول تظهر بارزة، تاركة بصمات واضحة على العلاقة بين الجمهور ووسائل الإعلام ووسائط التواصل من جهة، وعلى السلوك الإعلامي/التواصلي لهذه الأخيرة من جهة ثانية.

تقوم السياسات النقدية بدور حيوي في دعم النشاط الاقتصادي والحفاظ على الاستقرار الاقتصادي من خلال الحفاظ على استقرار الأسعار ومواجهة التضخم، وبناء الثقة في الاقتصاد التي تدعم الاستثمار وتحقيق معدلات النمو المرتفعة. وقد ظهر جلياً الدور الكبير الذي قامت به البنوك المركزية في أعقاب تفشي فيروس كورونا، واندماج السياسات النقدية والمالية في محاولة لتهميش التداعيات السلبية إلى أقل ما يمكن، علاوة على تخطي العديد من المحاذير الاجرائية والانضباطية التي وضعتها البنوك المركزية في أعقاب أزمات مالية سابقة.

ظهر فيروس "كوفيد-19" المعروف باسم فيروس كورونا المستجد في الصين في ديسمبر 2019، وانتشر بفعل التقدم الكبير في حركة النقل الجوي والبري والبحري وبسرعة أكبر مما توقع كثيرون. وفي 11 مارس 2020 أفيد أن الوباء انتشر في اكثر من 110 دولة وصنفت منظمة الصحة العالمية هذا الوباء "بوباء عالمي". هذا التصنيف يعني أن العالم بأكمله معرض لهذا الوباء وتصبح الحكومات وأنظمتها الصحية ملزمة برفع درجة استعدادها لمواجهة العدوى وزيادة التدابير لمعالجة الحالات المرضية واتخاذ إجراءات مشددة لمكافحة الانتشار في قطاعات عديدة أبرزها الصحة والنقل والتعليم والبيئة ومن بينها أيضاً قطاع القوات المسلحة. لغاية مايو 2021، تجاوز عدد الإصابات في العالم 150 مليوناً وعدد الوفيات 3 ملايين ونصف المليون من بينهم 33 مليون إصابة ونصف مليون وفاة في الولايات المتحدة الأميركية وحدها.

تتناول هذه الورقة قراءة في أهم التقارير والتحليلات الأجنبية التي نشرتها كبريات الصحف العالمية والتي تناولت فضيحة "توم باراك"، مستشار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ورئيس لجنة تنصيبه عام 2017، واتهامه بالتآمر سرا للتأثير على السياسة الأمريكية لصالح دولة الإمارات العربية المتحدة، وكذلك فضيحة برنامج التجسس "بيجاسوس" الذي طورته شركة "إن إس أو" الإسرائيلية، واستخدمته أنظمة ديكتاتورية عدة حول العالم ضد خصومها ومعارضيها، كان من أبرزها حكومة دولة الإمارات.

في عددها الأول ضمن المجلد 94، الصادر عام 2018، نشرت مجلة "الشؤون الدولية" دراسة للمفكر الأميركي "جون آيكينبري" بعنوان نهاية النظام الدولي، انطلقت من أنه طيلة سبعة عقود من الزمن تمتّ الهيمنة على العالم من قِبل نظام غربي ليبرالي، فبعد الحرب العالمية الثانية بنت الولايات المتحدة وشركاءها نظاما دوليا متعدّد الأوجه ومترامي الأطراف، تمّ تنظيمه ليتمحور حول الانفتاح الاقتصادي، المؤسّسات متعدّدة الأطراف، التعاون الأمني والتضامن الديمقراطي. طوال هذه المدّة، صارت الولايات المتحدة بمثابة "المواطن الأول" لهذا النظام، مُوفّرةً قيادة الهيمنة، مُثبّتةً للتحالفات، مُحقّقةً لاستقرار الاقتصاد العالمي، مُعزّزةً للتعاون ومنتصرةً لقيم "العالم الحرّ". صعدت أوروبا الغربية واليابان باعتبارهما شريكيْن أساسيين، وَثَّقتا أمنهما وثروتهما الاقتصادية بهذا النظام الليبرالي المتوسّع.

إنّ الهدف من هذه الدراسة ليس الوقوف على مجريات الأحداث التاريخية والسياسية في مصر بطريقة مفصّلة، لكنّ هدفنا رصد الأفكار والرؤى التي تحكّمت في سير مجريات العنف وتجلياته في جدلية الدين والدولة، وقد ركّزنا اهتمامنا على الإخوان المسلمين بوصفها أوّل حركة إسلامية ظهرت في التاريخ الإسلامي الحديث. ذلك أنّ الإخوان المسلمين توجّه إليهم أصابع الاتهام بالعنف ضد الدولة في كل مرحلة من مراحلها ابتداء من زمن ظهورهم وصولا إلى صعودهم إلى الحكم، خاصّة أنّ الإخوان أبدوا كرههم للدول الوطنية منذ البداية.

تمهيد تعتبر حقوق الإنسان وحرياته من العناصر الأساسية التي تقوم عليها النظم الديمقراطية، بحيث حظيت باهتمام واسع في التاريخ المعاصر في ظل امتداد ضمانات حمايتها دوليا وإقليميا ووطنيا بموجب مواثيق دولية وتشريعات داخلية، وذلك في سبيل تحقيق الأهداف والغايات الرئيسية لبناء دولة ذات أسس ديمقراطية سليمة في ظل قيم ومبادئ الحرية والعدالة وسيادة الحق والقانون. وقد شهدت المنطقة العربية ثورات واحتجاجات من أجل تحقيق انتقال ديمقراطي على أساس احترام القيم الخاصة بالحقوق والحريات، لكن ذلك لم يتحقق في ظل وجود أزمة حقيقية تعيشها دول المنطقة نتيجةً لغياب الثقافة الديمقراطية واستئثار القوى الحاكمة-العسكر نموذجا- بالسلطة. وتظل مصر ضمن أقوى النماذج في هذا السياق، بحيث تم الانقلاب على ثورتها الشعبية للعام 2011 والتي كانت من أهم شعاراتها حرية-كرامة إنسانية وعدالة اجتماعية، بفعل سيادة المنطق السلطوي الذي لا يؤمن بمبادئ الحكم المدني-الديمقراطي على دواليب الحكم منذ سقوط الملكية والتأسيس لجمهورية عسكرية في العام 1952 لتظل مصر منذ ذلك الحين إلى الآن في ظل قبضة الحكم العسكري والذي تنامت قوته في ظل حكم الجنرال عبد الفتاح السيسي، الذي استطاع عسكرة الدولة في جميع مناحيها ودواليبها. وتأسيسا على ذلك، فمنذ انقلاب 3 يوليو 2013 ومصر تشهد انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان وقمعا للحريات الأساسية، انتشرت على إثرها ظواهر لا حصر لها من قتل وتعذيب واعتقالات تعسفية وإخفاءات قسرية وإعدامات خارج إطار القانون ومحاكمات تغيب عنها قيم العدالة والتي طالت المصريين الرافضين لسيادة الحكم العسكري. وترجع الأسباب المركزية في استشراء ذلك على نطاق واسع إلى طبيعة نظام السيسي ذي الخلفية العسكرية والذي انتهج لغة القمع لتخويف المواطن المصري بمختلف أطيافه ومكوناته وإحكام قبضته الأمنية عليه، لصده عن المطالبة بحقوقه التي نادى بها في ثورة يناير؛ ومن أبرزها انحلال مصر من قبضة الاستبداد العسكري ودخولها إلى عصر الدولة المدنية الديمقراطية.

على عكس سياستها الخارجية المنكفئة على نفسها منذ تأسيس الجمهورية عام 1923، بلورت تركيا في السنوات القليلة الأخيرة سياسة خارجية مبادرة في المنطقة. مؤخراً، ثمة مشروع تركي إقليمي يمكن تلمس ملامحه العامة، من خلال رصد الأدوار التي تلعبها أنقرة حالياً في عدد من الدول وفي مقدمتها سوريا والعراق وليبيا. تبحث هذه الورقة في متغيرات السياسة الخارجية التركية في السنوات الأخيرة، والدور الإقليمي لتركيا في مختلف القضايا والدول، وتأثيرها على عدد منها، وأهم ملامح المشروع الإقليمي لتركيا، وموقعها من المحاور والاصطفافات الإقليمية.

تمثلت الإشكالية المركزية للدراسة في الإجابة على السؤال التالي: ما تأثير التهديدات الأمنية الجديدة في الحوض المتوسطي على البعد الاستراتيجي للأمن الوطني الجزائري؟ وتمت الاستعانة بعدة مناهج مكملة لبعضها البعض من أجل الوصول إلى حل للإشكالية المطروحة؛ لذلك، تم الاعتماد على المنهج التاريخي والذي ساعدنا على وضع الدراسة في محيطها وظروفها الأساسية، كما تم الاستعانة كذلك بالمنهج الوصفي من أجل تقديم وصف دقيق للظاهرة محل الدراسة وحيثياتها المختلفة والمتعددة.

بدأ المشهد مع الانقلاب العسكري في مصر فيما تحتل تركيا المركز الثالث والرابع كشريك تجاري لمصر في الواردات والصادرات على الترتيب، وبحلول نهاية 2018، تجاوزت التجارة بين البلدين عتبة 5 مليار دولار في اتجاه الزيادة لا التراجع، وهو رقم كبير نسبيا في بلد بحجم مصر يشهد تنوعا واسعا فيما يتعلق بوجهات وبمصادر تجارتها الخارجية على حد سواء. هذا الفارق بين النموذجين المصري والسعودي يعكس توجه الدولة المصرية؛ حتى بعد الانقلاب العسكري، وما ارتبط به من تهجير قسري لقطاع واسع من النخبة المصرية المعارضة للدولة التركية بشكل خاص. هذه الصورة المدعومة بالأرقام ترتسم ملامحها برغم الدعاية السلبية المصرية التي تهدف لكسب قدر من الشرعية تحت لافتة تركيع تركيا، أو حتى برغم الدعاية الإيجابية التركية؛ والتي تهدف لحفظ التوجه الإيجابي الصادر عن الدولة المصرية، وتحريكه في إطار يدعم استمرار الدفء بمنسوبه المشار إليه، حتى وإن كانت العلاقات على مستوى مؤسسات الرئاسة في كلا البلدين تشهد توترا؛ ربما يرجع لضغوط الرعاة الخليجيين في مصر، أو رفض الرئاسة التركية فكرة الانقلاب التي تمثل عاملا قسريا جرى استغلاله لتشويه إرادة الشعوب في منطقة الشرق الأوسط طيلة فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية. هذه الورقة تحاول توصيف ملامح التقارب المصري التركي، وتعمل على إجلاء دوافعه الاستراتيجية وغير الاستراتيجية، كما تسعى لاستكشاف آفاقه المستقبلية.

تحاول هذه الورقة من خلال استقراء المواقف الصينية والإيرانية والعربية، فهم التحوّلات الجارية بعلاقة الصين مع المنطقة، واستشراف الدور الصيني المقبل فيها، وكيفية تعاطي الدول العربية مع مستقبل يمكن أن ينحسر فيه النفوذ الأمريكي في المنطقة العربية، وينمو فيه كل من النفوذ الصيني والإيراني، وذلك من خلال محاولة الإجابة على الأسئلة التالية: 1. هل هناك تحول إيجابي حقيقي في السياسة الخارجية الصينية تجاه المنطقة، وما هي مظاهر ذلك؟ 2. كيف ستؤثر العلاقات العربية الصينية النامية، على علاقات الدول العربية مع دول الإقليم والقوى الدولية الكبرى؟ 3. هل شكّل توقيع الصين اتفاقية مع إيران تحولّاً حقيقياً في العلاقات بينهما، وما هي مظاهر ذلك؟ 4. كيف ستتعامل الصين مع التناقضات السائدة في المنطقة؟ 5. هل ستتحول المنطقة إلى منطقة تنازع بين الصين والولايات المتحدة وما هو الموقف العربي من ذلك؟

تختلف مستويات دراسة الظواهر أو المفاهيم المفردة (سواء ما تعلق منها بالتنظير على حدة أو بالواقع على حدة) عن مستويات دراسة الظواهر والمفاهيم حال تعالقها وتعانقها واشتباكها، الأمر الذي يعني أن دراسات "العلاقات" بين مفاهيم نظرية أو ظواهر واقعية يجب أن يكون التحليل فيها أعمق وأكثر اعتباراً لمقتضيات التشابك والتداخل والتقاطع والتوافق والتفاعل. ودراسة العلاقة بين "الديني" و"السياسي" هي أحوج ما تكون لهذا التأكيد، وتستلزم من ثم مواجهة إشكالات أربعة رئيسة هي: إشكالية نظرية، إشكالية واقعية، إشكالية تتعلق بالعلاقة بين النظري والواقعى، وإشكالية تتعلق ما بين تعدد المداخل التي يمكن أن تتقاطع مع الديني والسياسي.

نشرت مجلة الأبحاث البيئية البريطانية العريقة (Environmental Research Letters) بتاريخ 11 يونيو 2021 بحثاً أجرته جامعة جنوب كاليفورنيا بالتعاون مع جامعة كورنيل ووكالة الفضاء الأمريكية (ناسا)، تحت إشراف عالم الفضاء المصري د. عصام حجي، والذي جاء تحت عنوان: "عجز ميزانية المياه في مصر وسياسات مقترحة لتخفيف سيناريوهات ملء سد النهضة". حدد البحث حجم العجز المائي لمصر الذي من المتوقع أن يسببه سد النهضة وآثاره الاقتصادية، وقدم حلولاً مقترحة للتغلب على العجز المائي السنوي المتوقع حدوثه أثناء فترة ملء السد. وأشار البحث إلى أنه في الوقت الذي يوفر فيه سد النهضة، الذي تبلغ سعته 74 مليار متر مكعب، فرص تنموية كبيرة واعدة لإثيوبيا، فإنه سيشكل عجزاً مائياً صعباً لمصر. وبحسب البحث فإنه يُتوقع أن تعاني مصر خلال سنوات الملء من عجز مائي يصل إلى 31 مليار متر مكعب سنويا وهو ما يعادل نسبة 40% من الموازنة المائية الحالية لمصر. وفي حالة ملء السد على مدى ثلاث سنوات، فستتراجع الرقعة الزراعية في مصر بنسبة قد تصل إلى 72%، مما يؤدي إلى خسارة إجمالية للناتج المحلي الإجمالي الزراعي بمقدار 51 مليار دولار. وأشار البحث إلى أن الناتج المحلي الإجمالي للفرد سينخفض بنسبة 8% تقريباً، وهو ما سيؤدي إلى ارتفاع نسبة البطالة إلى 25%. ونظراً لأهمية موضوع البحث، وما قد يشكله سد النهضة الإثيوبي من آثار مدمرة على مصر، كما سيتضح من الدراسة، قام المعهد المصري بترجمة البحث وإتاحته للباحثين

دراسات