العدد الثالث والعشرين يوليو 2021 / دراسات
حقوق الإنسان في مصر بعد 2013: بين النصوص القانونية والاشكاليات العملية
يوليو/تموز 2021

ملخص
تمهيد
تعتبر حقوق الإنسان وحرياته من العناصر الأساسية التي تقوم عليها النظم الديمقراطية، بحيث حظيت باهتمام واسع في التاريخ المعاصر في ظل امتداد ضمانات حمايتها دوليا وإقليميا ووطنيا بموجب مواثيق دولية وتشريعات داخلية، وذلك في سبيل تحقيق الأهداف والغايات الرئيسية لبناء دولة ذات أسس ديمقراطية سليمة في ظل قيم ومبادئ الحرية والعدالة وسيادة الحق والقانون.
وقد شهدت المنطقة العربية ثورات واحتجاجات من أجل تحقيق انتقال ديمقراطي على أساس احترام القيم الخاصة بالحقوق والحريات، لكن ذلك لم يتحقق في ظل وجود أزمة حقيقية تعيشها دول المنطقة نتيجةً لغياب الثقافة الديمقراطية واستئثار القوى الحاكمة-العسكر نموذجا- بالسلطة. وتظل مصر ضمن أقوى النماذج في هذا السياق، بحيث تم الانقلاب على ثورتها الشعبية للعام 2011 والتي كانت من أهم شعاراتها حرية-كرامة إنسانية وعدالة اجتماعية، بفعل سيادة المنطق السلطوي الذي لا يؤمن بمبادئ الحكم المدني-الديمقراطي على دواليب الحكم منذ سقوط الملكية والتأسيس لجمهورية عسكرية في العام 1952 لتظل مصر منذ ذلك الحين إلى الآن في ظل قبضة الحكم العسكري والذي تنامت قوته في ظل حكم الجنرال عبد الفتاح السيسي، الذي استطاع عسكرة الدولة في جميع مناحيها ودواليبها.
وتأسيسا على ذلك، فمنذ انقلاب 3 يوليو 2013 ومصر تشهد انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان وقمعا للحريات الأساسية، انتشرت على إثرها ظواهر لا حصر لها من قتل وتعذيب واعتقالات تعسفية وإخفاءات قسرية وإعدامات خارج إطار القانون ومحاكمات تغيب عنها قيم العدالة والتي طالت المصريين الرافضين لسيادة الحكم العسكري. وترجع الأسباب المركزية في استشراء ذلك على نطاق واسع إلى طبيعة نظام السيسي ذي الخلفية العسكرية والذي انتهج لغة القمع لتخويف المواطن المصري بمختلف أطيافه ومكوناته وإحكام قبضته الأمنية عليه، لصده عن المطالبة بحقوقه التي نادى بها في ثورة يناير؛ ومن أبرزها انحلال مصر من قبضة الاستبداد العسكري ودخولها إلى عصر الدولة المدنية الديمقراطية.